عنوان الخبر

2024-12-18 21:35

تأخر الأمطار وارتفاع التكاليف يهددان الموسم الفلاحي في المغرب

أدى تأخر الأمطار هذا الموسم إلى وضع مجهول بالنسبة للمحصول الفلاحي، وخصوصًا الحبوب، ما دفع بنك المغرب إلى توقع تراجع القيمة المضافة للقطاع بنسبة 4.6% خلال هذه السنة، مع توقع عودتها للارتفاع بنسبة 5.7% في 2025، و3.6% في 2026، بناءً على فرضية إنتاج 50 مليون قنطار من الحبوب. ومنذ بداية خريف 2024، يواجه المغرب موجة جفاف طويلة، حيث غابت التساقطات شهرين متتاليين عن مناطق زراعية مهمة، مما أثار قلقًا كبيرًا في المناطق البورية مثل الشاوية وعبدة والوسط والجنوب. هذه المناطق تعتمد على الزراعة المطرية وتواجه تأخرًا كبيرًا في عملية الحرث والتسميد، التي تتم عادة بين منتصف نونبر ومنتصف دجنبر. يرى الخبراء أن الظروف المناخية أدت إلى فقدان ثلث إنتاج الحبوب، وأن أي أمطار قادمة لن تعوض التأخير الحالي، إذ ستساعد فقط في ترطيب التربة السطحية دون الوصول للطبقات العميقة المغذية للجذور، مما يهدد نمو المحاصيل بشكل خطير. هذا الوضع يبرز هشاشة القطاع الفلاحي رغم أهميته للاقتصاد الوطني، إذ يجعله عرضة للتقلبات المناخية، ما يهدد الحبوب باعتبارها "بارومتر" نجاح الموسم الفلاحي، ويجعل مستقبله غامضًا حتى قبل اكتمال الدورة الزراعية. إلى جانب الجفاف، يواجه الفلاحون ارتفاعًا في أسعار المدخلات، حيث وصل سعر قنطار القمح اللين إلى 400 درهم، والقمح الصلب إلى 600 درهم. هذه التكلفة المرتفعة دفعت كثيرين للتردد في الاستثمار بالبذور، خوفًا من خسارة أموالهم بسبب عدم اليقين المناخي، خاصة مع تأثر زراعات أخرى مثل البقوليات والأعلاف بالجفاف، مما قلل من خيارات التنوع الزراعي. صرّح محمد آيت أحمد، مهندس فلاحي من أكادير، أن "ضعف السيولة وصعوبة الحصول على القروض زاد من تعقيد الوضع، إذ اضطر بعض الفلاحين إلى بيع ماشيتهم لتغطية تكاليف العلف". وأشار إلى أن "الحلول قصيرة المدى غير كافية، ويجب التركيز على إصلاحات هيكلية تعزز مرونة القطاع في مواجهة الصدمات المناخية"، داعيًا إلى "إصلاح سياسات الري والدعم وتخفيض تكاليف المدخلات". محصول الحبوب يبقى مهددًا في ظل الظروف الحالية، ما يزيد من وطأة الأزمة في سياق اقتصادي هش، ويجعل الحاجة ملحة لإصلاحات تدعم مرونة القطاع أمام التغيرات المناخية، خصوصًا عبر معالجة التفاوتات المجالية في توزيع المياه. أكد مصطفى الناوي، مهندس فلاحي، أن بعض المناطق الشمالية مثل جهة طنجة-تطوان-الحسيمة استفادت من الأمطار مؤخرًا، بينما تعاني مناطق الوسط والجنوب من استمرار الجفاف. واعتبر أن "هذا الوضع يوضح هشاشة القطاع الفلاحي وحاجته إلى استراتيجيات لإدارة الموارد المائية وتعزيز مرونة الزراعة". وأضاف أن "غياب إدارة فعالة للمياه يزيد من التفاوتات الاقتصادية بين المناطق، مما يهدد الاقتصاد الوطني". وختم الناوي بأن التفاوتات في توزيع الأمطار والمياه تعمق الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، داعيًا إلى "إصلاحات جذرية في السياسات الفلاحية لضمان استدامة القطاع في مواجهة التقلبات المناخية".

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليق.